يحتقل العالم في ٢١ سبتمبر من كلّ عام باليوم الدّولي للسّلام، وهي مناسبة خصّصت الأمم المتحدة لها هذا العام عنوان “التّعافي بشكل أفضل من أجل عالم منصف ومستدام“، وذلك في ظلّ استمرار مخاطر جائحة كورونا، حيث دعت المنظمة الدّوليّة الجميعَ للتّفكير بشكل إبداعي وجماعي من أجل التّعافي بشكل أفضل، وتحويل العالم إلى “أكثر مساواة وعدلا وإنصافا واستدامة وصحة“.
على مستوى البحرين، يأمل مركز البحرين للحوار والتّسامح أن تبادر الحكومة إلى إعلان خطوات أكثر فاعليّة لتعافي الوطن من كلّ جروحه وأزماته، والخروج من الدّوائر المغلقة والعبثيّة التي تلاحقه بين فترةٍ وأخرى، ويؤكد المركز بأن خطوات كهذه ينبغي أن تكون “منصفة ومستدامة“، وأنْ تأخذ بعين الاعتبار تلبية تطلعات كلّ أبناء البحرين، بمختلف فئاتهم ومكوّناتهم، وبما يتيح أن توفر الفرصَ والأجواء الملائمة لإنهاء كلّ خطوط الأزمات وحالات الفرقة والخلاف السّلبي.
ويرى المركز بأنّ السبيل لذلك يكون من خلال العمل على مسارين متلازمين:
– المسار الأول: تصحيح الأوضاع في الحياة السّياسيّة والعامّة في البلاد، وبوابةُ ذلك هو إعادة السّماح للمعارضة بأن تعمل علنا وبشكل قانوني من خلال تجميد وإلغاء كلّ الإجراءات التي قوّضت العمل السّياسي السّلمي في البلاد، بما في ذلك إجراءات إغلاق الجمعيّات الأساسيّة في البلاد، على أنْ يترافق ذلك بقراراتٍ واضحة تزيل كلّ الموانع والحواجز التي تسبّبت في جمود الحراك الأهلي والشّعبي، وأدّت إلى تقليص مساحات حريّة الرّأي والتجمع السّلمي، ويشمل ذلك إنهاء ملف السّجناء السّياسيين، والمغتربين في الخارج، والملاحقات على خلفيّة الاختلاف السّياسي. إنّ هذا المسار يتأسّس على قاعدةِ أنّ السّلم العام وبناء الثقة في البلاد؛ لا يتمّ إلا من خلال وجود شركاء متنوّعين من الفاعلين السّياسيين، الذين تجمعهم مسؤولية مشتركة في بناء الوطن، ونزْع أسباب التوتر بين مكوّناته.
– المسار الثاني: تحويل السّلام إلى استراتيجيّة ثابتة وشاملة، وذلك بأنْ تلتقي الحكومة والمعارضة على هذا المسعى الكبير والتّنادي معا إلى مؤتمر وطني لبناء هذه الاستراتيجيّة والبحث في آليّات تطبيقها على أرض الواقع. إنّ التّوافق على هذه الاستراتيجيّة سيكون المبادرة الأولى التي تُتيح لكلّ الأطراف الدّخول المباشر والبنّاء في المفاصل والموضوعات اللازمة لإصلاح الوضع العام، وتهيئة الطريق لمعالجة كلّ الملفات المختلف عليها. من جانب آخر، فإنّ المشاركة الجماعيّة في صياغة الاستراتيجيّة الوطنية لبناء السّلام سوف تُسعف على تهيئة أجواء التّوافق المطلوبة لتذليل العقبات المحتملة في طريق معالجة ملفات المصالحة الوطنيّة، والعدالة للضّحايا، والحقوق السّياسيّة والدّستوريّة.
إنّ إرساء دعائم السّلام هي الضّامن الأكبر لاستمرار الوئام والتّسامح والأمل في العيش المشترك، ولتجنيب الوطن كلّ أشكال العنف والصّراع والأزمات، ومع مرور أكثر من عشر سنوات على أحداث ٢٠١١م؛ فإنّ البحرين، بكلّ مكوناتها وأطرافها، أخذت العبر والدروس الكافية، ولم يعد هناك من أيّ سبب أو حجّة لتأخير أو تعطيل التّعاون والشراكة الجماعيّة السّلميّة في بناء الوطن والنّهوض به إلى أعلى المراتب والمستويات.
مركز البحرين للحوار والتسامح
مملكة البحرين
٢١ سبتمبر ٢٠٢١م