بقلم: علي باقر

كاتب من البحرين (مقالات الرأي تعبر عن رأي كاتبها فقط)

 

احتفل العالم يوم ٣٠ أغسطس باليوم العالمي للإخفاء القسري، كنتُ أود شخصيّا لو أن حكومة البحرين استفادت من هذه المناسبة وأعلنت عن خطوة عملية، ومفيدة، بخصوص ملف السجناء في البلاد. من وجهة نظري، سيكون على الحكومة أن تصرف وقتا وجهدا كبيرا لمعالجة هذا الملف، لأن هناك العديد من القصص المؤلمة التي تدور في أكثر منازل أهل البحرين، على الأقل منذ العام ٢٠١١م، وحتى اليوم. فإلى متى تواصل الحكومة سياسة الإنكار في هذا الملف؟

في البداية، لابد أن نتفق على مسألة هامة، فالعقوبات التي يتم إنزالها بمنْ تعتبرهم الحكومة – أي حكومة – “جناة”، لابد أن تكون عقوبات محكومة بمعيار إنساني وأخلاقي ووطني، وهذا المعيار هو أن تكون هذه العقوبات مصمّمة لمساعدة “الجناة” المزعومين على الإصلاح الأخلاقي الداخلي. بمعنى آخر، أية عقوبات لا يتوفر فيها هذا المعيار، فإنها عقوبات غير عادلة، أي أنها مصممة من أجل الانتقام، وتدمير السجناء، والتسبب في نزع الآدمية والروح الإنسانية منهم.

من الجيد أن تلجأ الحكومة إلى تطبيق قوانين وبرامج فيها تخفيف أو تعديل أو تبديل للعقوبات المفروضة على السجناء، مثل قانون العقوبات البديلة، أو برنامج السجون المفتوحة، وكذلك البرامج التي تتعلق بإعادة التأهيل، وقانون العدالة الإصلاحية للأطفال. ولكن، كل هذه البرامج والقوانين لن تكون لها فائدة كبيرة مرجوة إلا إذا تمت إعادة النظر في المنظومة الشاملة التي تضع فلسفة العقوبات في القوانين المحلية. هذه الفلسفة لابد أن تستند على القوانين الدولية، والمبادئ التي تقررها المواثيق العالمية بخصوص معاملة السجناء، وتصميم العقوبات، ولا ينبغي أن تتردد الحكومة في أن تطور هذه المنظومة، يوما بعد يوم، لأن البشرية تتطور، ولا يوجد مانع أو خجل من الإقدام على نهوض شامل في كل هذه المنظومة القانونية.

وفي الحقيقة، فمع أية خطوة لحل ملف السجناء في البحرين، فإن الدائرة لا تكتمل إلا بحل بقية الملفات المختلف عليها، سواء ملف الحياة السياسية، أو ملف الوضع الدستوري، أو ملف المواطنة المتساوية، وغير ذلك. فقد يتم الإفراج عن عدد من السجناء، أو يتم التخفيف من الإجراءات الصارمة داخل السجون، ولكن بدون المعالجات الشاملة فإنه لا يوجد ما يمنع من وقوع مخالفة هنا، أو انتهاك هناك داخل السجون. فالعلاج الشامل يقضي على المشاكل، ويوفر المناعة القوية لمنع تكرارها.