بقلم: فاطمة علي

كاتبة بحرينية

(الآراء المنشورة تعبير عن رأي كاتبها فقط)

هل سيكون للبحرين نصيب من التسويات المنتظرة في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل ستشكّل المحادثات والحوارات المنتظرة بين الأقطاب الرئيسة في العالم حافزاً نحو انطلاق الحوار بين الحكومة والمعارضة؟ وهل يمكن اعتبار المتغيرات المرتبطة بالإدارة الأميركية الجديدة عاملاً مساعداً لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة في البحرين؟ وقبل كل ذلك، هل يجب علينا في البحرين أن ندور في فلك الخارج ومتغيراته، أم أن علينا أن ندور في فلك الوطن، ومصالحه الداخلية أولا وأخيرا؟

تُطرَح الكثير من الأسئلة حول الدول التي سيكون لها نصيب من التسويات التي يتمّ تحضيرها في المنطقة التي لطالما عاشت على انتظار ما تقرّره الدول الكبرى لتعرف إلى أين ستؤول الأمور فيها.

وتنصبّ الأنظار في هذه الأيام على المحادثات القائمة بين أقطاب دولية وإقليمية بارزة، ويتمّ الحديث مؤخّراً عن تسويات تُطبخ على نارٍ حامية على طاولات المباحثات بدءاً من مفاوضات فينيا، مروراً بالحوار السعودي – القطري، والحوار اليمني الداخلي، وغيرها من الحوارات والمحادثات التي تهدف إلى حلّ الخلافات العالقة فيما بين الدول.

مفاوضات من نوع آخر يقول البعض إنها يمكن أن يكون لها انعكاس على الوضع في البحرين التي تعيش أزمة سياسية منذ العام 2011، حيث يجري يُقال عن تحسّن ملحوظ في مسار العلاقات السعوديّة-الإيرانيّة، بعد الكلام الذي صدر من الجانبين المؤثرين على الوضع الإقليمي، فالرئيس الإيراني المنتخب حديثاً السيد إبراهيم رئيسي كان قد أعلن عقب فوزه عدم ممانعة بلاده فتح سفارة للسعودية في إيران والعكس، كما كان صرّح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في أبريل الماضي، بأن الرياض تريد علاقات طيبة مع طهران.

ويذهب بعض المحلّلين والمتابعين لشؤون الشرق الأوسط إلى اعتبار العام الحالي بمثابة عام للتصالح والتقارب بين القوى الإقليمية والدوليّة المتخاصمة، وهو ما يمكن فهمه كما لو أنّ طبخة التسويات في المنطقة باتت قاب قوسين أو أدنى من أن تكون جاهزة، فالاختلاف هو سمة الوجود، والسلام لا يعني غياب الصراعات، بل حلّ جميع الخلافات عبر الحوار والطرق السلميّة وليس تحقيق النصر لأي فريق.

بمعزل عن هذه التطورات الإقليمية، سواء كانت دقيقة، أم مجرد أحاديث معتادة من المحللين، فإن الموضوع الأساسي هو ما يجب أن يقرره أهل البلد في البحرين، من محكومة ومعارضة.

المعارضة في العموم، وكذلك النشطاء، وكلّ المواطنين، يأملون أن يكون هناك حوار داخلي في البحرين. ويمكن القول إن هؤلاء جميعا يؤسسون هذا الموقف انطلاقا من النظرة الحكيمة التي تؤكد ضرورة أن يكون الحوار في البحرين مسألة داخلية، ومحكومة بمصالح الوطن فقط

ويرى المراقبون إنّ السعي للتوصّل إلى تسوية سياسيّة للأزمة في البحرين سيكون عاملاً أساسياً لاستقرار أمن المملكة ومؤسساتها ويحفظ مقدّرات شعبها الذي يحمل الكثير من القدرات والإمكانيات الذهنية والفكرية.

وعلى الرغم من كلّ ذلك؛ تبقى التقديرات الإيجابية التي يطلقها البحرينيون بانتظار أن يتصاعد الدخان الأبيض، عبر إعادة مفاعيل الحوار بين الحكومة والمعارضة، وحلّ الخلافات العالقة بينهما، وتدعيم البناءات الأساسيّة التي تساهم في تنمية البلاد ورفعتها وضمان مستقبل الأجيال الحالية والمستقبلة، وبما يضمن العدالة الاجتماعية، ويساعد على إرساء مفهوم المواطنة المتساوية.

إنّ التفاهم بين مختلف المكونات الوطنية في البحرين يساعد على التوصّل إلى تسوية سياسية ويساهم بالتالي في تحقيق المصلحة الوطنية، والتي لا يمكن أن تتمّ من دون وضع عددٍ من الشروط التي تعبّر نتائجها عن توافق مختلف القوى التي يجب عليها أن تلتزم بهذه النتائج من أجل الوصول إلى البحرين التي ينشدها الجميع.