بقلم: فاطمة علي
كاتبة بحرينيّة
-مقالات الرأى تعبّر عن كاتبها فقط –
شهدت البحرين نهاية شهر فبراير من العام الماضي 2020 تغيّرات كثيرة طفت على السطح، من الناحية السياسية والأمنية، حيث تبدّلت الكثير من الأحوال التي كان البحرينيون يغفون ويستيقظون عليها، بما في ذلك من ناحية طبيعة العلاقة بين المعارضة والحكومة، وهي العلاقة التي تعقدت أكثر بعد منتصف العام 2016 والذي شهد اغلاق جمعية التوعية الإسلامية وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية كبرى الجمعيات السياسية واعتقال أمينها العام الشيخ علي سلمان.
تزامناً مع بدء جائحة كورونا التي تفاقمت بسرعة كبرى، قامت الحكومة حينها بإنشاء فريق وطني معني بالتصدي لتلك الجائحة برئاسة ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد، حيث أعلن أن مصلحة المواطن وصحته ستكون في قمّة أولويّاته من خلال توجيه الفريق بأخذ الإحترازات الوقائية، وتقديم الخدمات اللازمة في المحاجر الصحيّة وغرف العزل.
رغم بعض التطورات والأحداث السلبية، إلا أن أزمة كورونا ساهمت – ضمن بعض الأجواء – في إشاعة جوّ الألفة بين المتخاصمين، ولوحظ في بعض المقاطع الزمنية أنّ جوّ التكافل الاجتماعي كان سائدا بشكلٍ لافت بين فريقي أنصار الحكومة والمعارضين لها، وهو ما لمسه الجميع من خلال التعاضد والوحدة من أجل القضاء على الوباء، والالتزام بالإرشادات الصحية التي يعلنها الفريق الوطني، كما أكّدته أعداد التطوّع التي تخطّت الآلاف من أجل التصّدي لتداعيات الفايروس.
من المؤسف، أن فايروس كورونا لم يتوقف عن الانتشار، وبدأت تظهر متحوّرات عدّة لها تداعيات أخطر، كان أصعبها المتحوّر الهندي الذي سرعان ما انتشر ليصل إلى سجون البحرين، حيث يقبع عدد كبير من السجناء السياسيين، بينهم رؤساء أحزاب وجمعيات سياسية، مما دفع ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة إلى إصدار عفوٍ شمل عشرات المعتقلين ممن تبّقى على عقوبتهم عام وحتّى خمس سنوات، كما كان حث متكرر من أعلى المستويات في البلاد على توسيع قانون العقوبات البديلة.
خطوة الملك حظيت بأجواء من الفرح، كونها أدخلت بعض الأمل على عشرات المنازل والعوائل والأطفال ممن حُرِموا من حنان الوالد، وتواصلت بعدها الدعوات الشعبية وفي مقدمتهم شخصيات اجتماعية وسياسية ورجال دين؛ من أجل الاستمرار في تحسين الأجواء وتطييب الخواطر، والإفراج عن بقية المعتقلين، وإغلاق هذا الملف الذي يعتبر واحدا من العوائق في تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة.
لقد عاد مشهد المطالبة بالإفراج عن المعتقلين إلى الواجهة من جديد بعد استشهاد المعتقل حسين بركات (44 عاماً) إثر إصابته بمضاعفات فايروس كورونا ( 9 يونيو 2021)، ولاسيما وأن هذه الحادثة المؤلمة جاءت بعد نصيحة أطلقها آية الله الشيخ عيسى قاسم بتعجيل الإفراج عن جميع سجناء الرأي قبل أن يخرجوا نعوشاً على الأكتاف بسبب خطورة الوضع الصحي نتيجة كورونا.
بشكل أو بآخر، تقدّم جائحة كورونا للحكومة والمعارضة فرصة استثنائية لإعادة فتح قنوات التواصل والحوار من أجل حلّ الأزمة السياسيّة المستفحلة منذ عام 2011، سيّما وأنّ أقطاب المعارضة أكّدت ولا زالت تؤكّد استعدادها للحوار من أجل تحقيق الحقوق، في الوقت الذي يعقد فيه البحرينيون آمالهم على بدء الحوار الوطني وبناء جسور الثقة من جديد.