• لقراءة وتحميل الورقة/الدراسة كاملة: من هنا

المقدمة

قرّرت هيئة الكهرباء والماء في البحرين – وهي هيئة حكوميّة تتبع وزير الكهرباء والماء وائل بن ناصر المبارك – وقفَ جميع المعاملاتِ الجديدة الخاصّة بإدارةِ الأوقاف الجعفريّة – وهي هيئة حكوميّة أيضا- نتيجة للخلافِ الدّائر بين الهيئتين حول رسوم الكهرباء والماء على المآتم الحسينيّة، وذلك على خلفيّة ما ذهبت إليه هيئة الكهرباء – ووفقا لقرارِ وزير العدل في عام 2012م – من أنّ المآتم الحسينيّة هي مرافقُ عامة، ولسيت دُوْر عبادة، التي تُعْفى وفق القوانين في البلادِ من رسوم الكهرباء. وبسببِ ذلك، فقد اتّجهت هيئة الكهرباء إلى فرْض رسومٍ على المآتم، وإصدار فواتير لتحصيل مبالغ لقاء خدمةِ الكهرباء والماء. ومنذ العام  2012م، لا يزال هذا الموضوعُ محلا للتجاذب المحلّي، وتقاطعت معه العديدُ من المواقفِ الحقوقيّة والسّياسيّة، في حين كان المسارُ العام لهذا الملفِ يتّجه، في أغلبِ الأحيان، نحو تأزيم الأوضاعِ الدّينيّة في البلاد، والدّفع نحو خنقها أكثر، وتحجيم وجودها الاعتباري والمؤسّسي، فضلا عن مركزها القانوني في بناء الدّولة.

يضيفُ هذا القرارُ عبء حقوقيّا جديدا، يُضاف إلى الانتهاكاتِ الحقوقيّة التي ترتبط بالشّؤون الدّينيّة الخاصّة بالطائفةِ الشّيعيّة في البحرين، ومنها: الأوقاف الدّينيّة، الشّؤون العلميّة والمعاهد الدّينيّة، الشّؤون التبليغية والمنظمات الدّينيّة، دُور العبادة والشّعائر والمراسيم، المحاكم الشّرعيّة، والأحوال الشّخصيّة.

في هذه الورقة/ الدراسة، نحاولُ الوقوف عند أبعادٍ من هذا القضيّة، وتحديدا فيما يتعلّق بملفِ الأوقاف الجعفريّة، والمآتم في البحرين، وتقديم رؤية تفنّد ادّعاء الحكومةِ بشأن عدم اعتبار المآتم دُوْر عبادة، وهو ادّعاء يمثّل خطورة حسّاسة على مستقل الواقع الدّيني للطائفة الشّيعيّة في البحرين، ومن الممكن أن يفرز ذلك تداعياتٍ أكثر خطورة في المستقبل، في حال لم يتم العمل على معالجةِ هذه القضيّة وأبعادها، بما يضمن الحقوق الدّينيّة العادلة والكاملة للطائفة التي تمثّل مكوّنا أصيلا وأكثرية في البلاد.

نسرد في هذه الورقة/الدراسة جوانبَ من الوقائع المتّصلة بالقضيّةِ محلّ البحث، ثم نعرّجُ على تفصيل الحديث حول الشخصيّة الاعتباريّة الخاصّة للطوائفِ وذات المعتقد، بحسب الوثائق الدّوليّة والمحليّة، كما نبسط الحديثَ مفصّلا حول تعريف دُور العبادة والأوقاف وجهات التنظيم والإشراف عليها في الطائفة الجعفريّة، وبعدها نبسط الكلام حول المرافق العامة، وإثبات عدم اندراج المآتم في أيّ تعريف من من التعريفات المعروفة لهذا المصطلح، كما نطلّ على موضوع الرسوم والمنح الحكوميّة.

من بين ما تحاوله الورقة/الدراسة أيضا؛ هو إثبات أن المآتم – على سبيل المثال – هي شخصيّة اعتباريّة خاصّة، تندرج ضمن دُور العبادة، ولها خصوصيّتها باعتبارات شرعيّةٍ وقانونيّة، كما تعمل الورقة على توجيه الموقف إزاء موضوع المنح والمزايا والرّسوم الحكوميّة، لتؤكد بأن فرْض رسوم الكهرباء والماء على المآتم، مثلا، أو اقتطاع الرّسوم منها دون علمها؛ هو مخالفٌ لكلّ الموازين القانونيّة والشّرعيّة. وفي نهاية الورقة، نقدّم جملة من التوصيات التي نرى أنها تمثّل خارطة طريق مقترحة لمعالجة أزمة المآتم والأوقاف الجعفريّة في البلاد، وبما يحفظ الكيان الأصيل للطائفة الشّيعيّة ويؤمّن حرّيتها واستقلاليتها ومساواتها العادلة مع بقية الكيانات الدّينيّة والطوائف وذات المعتقد في البحرين.