أكد رئيس مركز البحرين للحوار والتسامح، الشيخ ميثم السلمان، على أن “الأوقاف تمثل شخصية اعتبارية وفق القانون”، وأكد أن هناك قوانين محلية ودولية تعطي صفة “الشخصية الاعتبارية الخاصة” للطوائف وذات المعتقد ومؤسساتها الخاصة، كما توفر الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان الحماية لحقّ ممارسة المعتقد وإقامة الشعائر والطقوس الدينية.
وأوضح الشيخ السلمان في لقاء داخلي عقده المركز يوم الجمعة، ١٧ يناير ٢٠٢٠م، بأن القوانين المحلية والدولية تلزم حكومة البحرين بضرورة الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للطوائف، وما يترتب على ذلك من “تشريعات تحفظ حقوقها وخصوصياتها المذهبية“، وأن يكون ذلك منصوصا “بشكل صريح في الدستور والقوانين المعنية بتنظيم أوضاع الطوائف وما يرتبط بها من أوقاف وأملاك، التي تخرج من دائرة أملاك الدولة بعد أن تكون مخصوصة للطوائف“.
ملف المآتم
وأشار الشيخ السلمان إلى ملف المآتم في البحرين، وما تتعرض له من إجراءات وسياسات تهدف إلى تحويلها من صفة (دُور العبادة) إلى (المرافق العامة)، وقال بأن ذلك يعتبر مثالا واضحا على التمييز الذي تتعرض له الطائفة الشيعية في البحرين، وأكد بأن الإجراءات الرسمية التي عمدت إلى تحصيل رسوم من المآتم لقاء خدمة الكهرباء والماء؛ هو مخالف بشكل صريح للقوانين المحلية والدولية، لأن “المآتم تعتبر وقفا من الأوقاف، ومثالا صريحا على دُور العبادة اذ خصصت وأوقفت لغرض واضح وهو التعبد وإقامة الشعائر الدينية”، منوها أن “اعتبارها مرافق عامة يعد انتهاكا لحق الشخصية الاعتبارية الخاصة لمكون ديني كبير في البحرين“.
دُور العبادة
وأوضح الشيخ السلمان بأن الحكومة اعتبرت “المساجدَ والكنائسَ والكنيسَ اليهودي والمعابدَ الهندوسيّة والمعابدَ البوذيّة ومراكزَ تحفيظ القرآن، وبعض الجمعيات الخيريّة الإسلاميّة من المراكز القانونية التي تقع ضمن دُوْر العبادة، والمعفاة من رسوم استخدام الكهرباء والماء، إلا أنها فيما يخصُّ الطّائفة الشّيعيّة؛ فقد استثنت المآتم من هذا التّوصيف القانوني“، وهو ما يؤكد الخلل في مبدأ المساواة، وما تتعرض له الطائفة الشيعية من تمييز، وخاصة بعد أحداث ٢٠١١م، حيث بدأت تتكشف خطورة “تحويل الأوقاف الجعفرية إلى (مرافق عامة) من خلال قانون، ووضعها تحت مسمى مصانع أو مؤسسات تجارية، مما أدى إلى إجبارها على دفع فواتير الكهرباء ورسوم بلدية، وبتعريفات عالية“.
وأشار الشيخ السلمان إلى أن مركز البحرين للحوار سوف يصدر في الفترة القريبة المقبلة ورقة مفصّلة، حول الشخصية الاعتبارية للمأتم في البحرين، وأن الورقة تثبت أن المآتم تنضوي تحت عنوان “دُور العبادة“، استنادا إلى التشريعات والقوانين المحلية والدولية.
وقد توقف الشيخ السلمان في العرض عند أهم القوانين التي ترعى الحرية الدينية، انطلاقا من المادة ١٨ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقال إن “الطائفة أو الجماعة الدينية معنية بهذه المادة، وبالتالي فإن أوقاف أي جماعة هو ملف من ملفات الحرية الدينية إذا تعرضت الطائفة أو الجماعة الدينية لأي انتهاك أو تمييز”.
إدارة الأوقاف
وقدم الشيخ السلمان تعريفا للوقف الذي يشير إلى “المكان أو المبنى أو الشيء الذي يستخدم بغاية يرتجى فيها المتعبد منفعة الى دينه”، شارحاً أهمية الوقف بالنسبة لكل الطوائف.
وأضاف “يحق للإنسان أن يوقف الأشياء والأراضي والمشاريع والأماكن والعقارات وغيرها وفق الضوابط الشرعية التي يتعبد بها، ولا يحق لأحد سلبه هذا الحق أو التصرف في الموقوف إلا باجازة منه“.
وقال الشيخ السلمان “لا يحق لأي جهة التصرف بالأموال والأعيان الوقفية إلا بإجازة الواقف أو وكيله أو وليّه، وأن التصرف في الأموال الوقفية دون رضا وإجازة المؤسسات الوقفية بما في ذلك المأتم؛ يعد تجاوزا قانونيا يصل إلى حد السرقة”.
ويوجد في البحرين آلاف الأوقاف للطائفة الشيعية، وذكر الشيخ السلمان أن الإشكالية الأساسية التي يواجهها هذا الموضوع تتمثل في إدارة هذه الأوقاف. وأوضح أن “الأوقاف تأسست في البحرين عام ١٩٢٧ وكانت فاقدة للاستقلالية الإدارية والمالية منذ تأسيسها، وهذا ما يتعارض مع القوانين الدولية التي تمنح الطوائف والأديان والملل الاستقلالية في إدارة شؤونها الدينية دون المساس بحقها في مزاولة الشعائر وإدارة الشوؤف الدينية الخاصة وفق معتقداتها”.
وشرح السلمان انعكاسات هذه الممارسات على الحريات الدينية. وقال إنها “تؤدي إلى فقدان استقلالية الأوقاف، وهذا يتعارض مع وفاء البحرين بالتزاماتها الدولية“.